17 - 07 - 2025

ضوء | سوريا الدروز

ضوء | سوريا الدروز

الوضع معقد جداً في سوريا، والشعب السوري الحضاري الذي كان يعيش بسلام ومحبة بين مختلف مكوناته، يرفض التأسلم السياسي بكل أنواعه، وهو يعيش حالة القمع والتهجير منذ عقود، لكن منذ اندلاع الاشتباكات في السويداء، بدأ النزوح المتواصل للدروز، وهكذا لم ينج أي مكون من مكونات الشعب السوري من القتل والتهجير، بدأوا بالمسيحيين وهجّروا أغلبهم إلى دول أوروبا وأمريكا، ثم بدأت المجازر للسُنّة، واستمرت حتى ٢٠٢٤، ثم مع نظام الشرع بدأت المجازر للعلويين على طول الساحل السوري، والآن جاء دور الدروز.

وبالتزامن مع تجدد الاشتباكات العنيفة التي راح ضحيتها أكثر من ٣٢٠ قتيلاً، بين قوات النظام السوري، والبدو، والمقاتلين الدروز، في مدينة السويداء.

وفي يوم الأربعاء، الموافق ١٦ يوليو ٢٠٢٥، يصعّد الكيان الصهيوني عدوانه بضربات متتالية على محيط قصر الرئاسة ومقر قيادة الأركان للجيش السوري في دمشق، إضافة إلى شنّ غارات على القوات الحكومية في محافظتي السويداء ودرعا بالجنوب السوري.

وجاءت الغارات في وقت أشارت فيه الحكومة السورية إلى عودة المواجهات إلى السويداء بعد يوم من سيطرة القوات النظامية عليها.

ونتساءل هل يمكن أن تحدث هذه الضربات دون موافقة الرئيس الأمريكي؟ والذي يردد دوماً وعلناً عكس ما يوافق عليه سراً.

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها اليوم إن هناك مجموعات (خارجة عن القانون)، وذكرت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع أن عدداً كبيراً من القناصة التابعين لتلك المجموعات المسلحة يستهدفون القوات الحكومية.

هكذا هو الوضع المزري في سوريا، والهدف الأول: القضاء على الجيش السوري وتدمير قدراته.

والهدف الثاني: تقسيم سوريا إلى كانتونات ودويلات طائفية، لإضعافها، ولكي يُتاح للكيان الصهيوني احتلال كل فلسطين وتهويدها.

والهدف الثالث: تهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة إلى الجولان.

وتتزامن الغارات مع مذابح أكثر وحشيّة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

وبكل وقاحة وصلف، يصرح الجيش الصهيوني بأنه سيواصل عدوانه على سوريا من أجل حماية الدروز!!

الدروز عرب عروبيون، وقلة ضئيلة منهم، قامت وحدة الموساد ٨٢٠٠ بتجنيدهم وتشكيل خلايا تابعة لها في جبل العرب، وبإغراءات مالية ضخمة، وقد فعل الموساد ذلك في كل مكونات المجتمع العربي من أدنّاه إلى أقصاه، لذلك نجد صهاينة يخرجون كالسرطان بين ضلوعنا.

والتصريح الصهيوني الوقح، وحجته الأكثر وقاحة، يعني احتمالات عدة، فإما أن الكيان الصهيوني ليس لديه ثقة في نظام الشرع الحالي، ولكن إن أراد الصهاينة التخلص من الرئيس الحالي، فمن سيردعهم؟ ففي غمضة عين يتم اغتياله، بطائراتهم الحربية التي تسرح وتمرح فوق الأراضي السورية، وبقواعدهم العسكرية التي تجول وتصول في كل أنحاء سوريا، وهو احتمال وارد.

والاحتمال الثاني: إما أن النظام الحالي متواطئ مع الصهاينة وبموافقة أمريكية، لتدمير الجيش السوري، والذي أغلبه من السُنّة العرب.

وإما أن كل ما يحدث في سوريا قد تم التخطيط له مسبقاً من قبل الكيان الصهيوني وأعوانه، كما خططوا وفعلوا لمدة ١٥ عاماً سابقاً من مجازر ومآسي، وقتل وتهجير للشعب السوري من أجل السيطرة كلياً على سوريا ومقدراتها.

الكيان الصهيونى  يستغل ضعف العرب واستسلامهم، ويريد فرض الأمر الواقع بالقوة الحاكمة لا غير.

وهناك خطط وخرائط مرسومة لابد من العمل على تنفيذها، والصفقات السياسية بعيدة كلياً عن الإنسانية والأخلاق، والشعارات لا تحلّ المشكلة، لكن من يدفع الثمن؟

الشعب السوري والفلسطيني واللبناني.

وهذا الشعب يعي تمامًا أطماع الصهيونية العالمية، لكن إذا تم تجريده من جيشه وسلاحه ومقدراته وقوته، فمن يستطيع حمايته؟

ولا برهان أكثر من لبنان وغزة.
-------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام



مقالات اخرى للكاتب

ضوء | سوريا الدروز